وهكذا أبعد العباسيون الشبهة عن أنفسهم، كما أنهم لم يحاولوا الاشتراك مع من قام من العلويين ضد الأمويين، ففي أيام محمد بن علي ثار زيد بن علي بالكوفة سنة 122 ه، حذر العباسيون شيعتهم من الخروج معه فيرد عن بكير بن ماهان أنه قال لأصحابه: إني أعلم ما لا تعلمون الزموا بيوتكم وتجنبوا زيدا وأصحاب زيد ومخالطتهم فوالله ليقتلن وليصلبن بمجمع من أصحابكم (1) كما أن بكيرا خرج هو وجماعة من أتباعه إلى الحيرة ولم يرجعوا حتى قتل زيد وصلب (2).
وفي سنة 125 ه توفي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وكان قد أوصى إلى ابنه إبراهيم (3).
وقام إبراهيم الإمام بأمر الدعوة وقد ساعدته الظروف على نشرها فالحروب الأهلية والفوضى والعصبية القبلية حتى يئس الناس من أمر الدولة الأموية في إصلاح الأمور ويدل على ذلك قول العباس بن الوليد يخاطب الأمويين:
إن البرية قد ملت سياستكم * فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا (4 وهكذا استطاع العباسيون أن يستغلوا الظروف المحيطة بهم فاستفادوا من أمور عدة منها فكرة المنقذ أو المهدي فتنبؤوا بسلطان يحيي العدل، فيذكر الدينوري في سنة 101 ه توافدت الشيعة على الإمام محمد بن علي وقالوا له: أبسط يدك نبايعك على هذا السلطان لعل الله يحيى بك العدل ويميت بك الجور، فإن هذا وقت ذاك أوانه الذي وجدناه مأثورا عن علمائكم (5).