إن صح أنه أجابك، فإنه يقول لك: حيث ثبت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل الأمرين علمنا بتساوي الفضلين، لأنه لا يعقل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ترك الأفضل وعمل ما هو دونه في الرتبة، لأنه (صلى الله عليه وآله) ما عرض عليه أمران إلا واختار أشدهما عليه ليزداد أجره بزيادة المشقة، ونحن الآن مخيرون بين الجمع والتفريق، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل الأمرين، فهما في الفضل سواء، فلا حرج علينا في أي الفعلين التزمنا.
ثم قلت له: لنفرض جدلا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يجمع بين الصلاتين إلا لعذر كالمطر والسفر والحرب وغيرهما من الأعذار.
فتهلل وجهه، وقال: والأمر كذلك.
قلت له: فقد صح أنه جمع، والجمع كان لعذر.
فقال: نعم.
قلت: إن كان العذر يبيح الجمع بين الصلاتين، فما المانع من الجمع بين الصلوات الخمس، فيصليها كلها دفعة واحدة في وقت واحد.
قال: أن الصلاة لا تجوز قبل دخول الوقت، ولو أداها المكلف قبل وقتها لم يسقط الوجوب بعد دخوله، وكذا لا يجوز تأخيرها عن وقتها مع الاختيار.
قلت: أن الجمع بين صلاتين يقتضي إما تأخير أولاهن عن وقتها أو تقديم الثانية عليه، وعلى أي الوجهين فإن إحدى الصلاتين وقعت في غير وقتها، لأن وقتيهما متغايران بزعمك.
قال: إن الجمع بين الظهر والعصر فيه شئ من التسامح، وذلك لقرب الوقتين بعضهما من البعض.
قلت: هذا التسامح هل كان من الرسول (صلى الله عليه وآله) خاصة أم عن أمر الله تعالى، فإن زعمت أنه من الرسول كذبك الله عز وجل لأنه وصف الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنه * (وما