الطاهرة كما أخبره الأمين جبرائيل (عليه السلام)، وتقصيهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها، بل سوف تذهب أبعد من هذا من سفك دمائهم وسبي ذراريهم، لا يراعون لرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حقا ولا حرمة، لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يلقي على أمته ويعذر فيما يرتكبون من جرائم وآثام بحقهم (سلام الله عليهم). فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحذرهم في مناسبات كثيرة وينذرهم بيوم المعاد.
قال ابن عباس: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موته بأيام يسيرة إلى سفر له، ثم رجع وهو متغير، محمر الوجه، فخطب خطبة بليغة موجزة وعيناه تهملان دموعا قال فيها:
" أيها الناس إني خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وأرومتي، ومزاج مائي، وثمرتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، إلا وإني أنتظرهما، ألا وإني لا أسئلكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم به المودة في القربى، فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم، ألا وإنه سترد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة: راية سوداء مظلمة فتقف علي، فأقول من أنتم؟
فينسون ذكري ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب. فأقول: أنا أحمد نبي العرب والعجم. فيقولون: نحن أمتك يا أحمد، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيعناه وفرقناه، وأما عترتك فحرصنا على أن ننبذهم عن جديد الأرض. فأولي وجهي عنهم، فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم، ثم ترد علي راية أشد سوادا من الأولى، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كالقول الأول بأنهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني، وقالوا: نحن أمتك، فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون: أما الأكبر فخالفناه، وأما الأصغر فخذلناه ومزقناه كل ممزق، فأقول لهم: إليكم عني فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.