بهم آلاف، فبنى الاردوان حيرا، فأنزله من أعانه من العرب، فسمي ذلك الحير الحيرة، كما تسمى القيعة من القاع، وأنزل بابا من أعانه من الأعراب الأنبار وخندق عليهم..
وقال أبو المنذر هشام بن محمد: كان بدء نزول العرب أرض العراق وثبوتهم بها واتخاذهم الحيرة والأنبار إن الله أوحى إلى يوحنا.. أن أئت بختنصر فمره أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب، وأن يطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتلهم ويستبيح أموالهم، وأعلمهم كفرهم بي، واتخاذهم آلهة دوني وتكذيبهم أنبيائي ورسلي، فأقبل يوحنا من نجران حتى قدم على بختنصر وهو ببابل فأخبره بما أوحي إليه، وذلك في زمن معد بن عدنان، فوثب بختنصر على من كان في بلاده من تجار العرب، فجمع من ظفر به منهم وبنى لهم حيرا على النجف وحصنه، ثم جعلهم فيه ووكل بهم حرسا وحفظة، ثم نادى في الناس بالغزو، فتأهبوا لذلك، وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب، فخرجت إليه الطوائف منهم مسالمين ومستأمنين، فاستشار بختنصر فيهم يوحنا فقال: خروجهم إليك من بلدهم قبل نهوضهم إليك رجوع منهم عما كانوا عليه، فأقبل منهم وأحسن إليهم، فأنزلهم بختنصر السواد على شاطئ الفرات وابتنوا موضع عسكرهم فسموا الأنبار، وخلى عن أهل الحيرة فابتنوا في موضعه وسموها الحيرة لأنه كان حيرا مبنيا، وما زالوا كذلك مدة حياة بختنصر، فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار، وبقي الحير خرابا زمنا طويلا لا تطلع عليه طالعة من بلاد العرب، وأهل الأنبار ومن انظم إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب بمكانهم، وكان بنو معد نزولا فيها قدموا إليها من البلاد ففرقتهم حروب وقعت بينهم فخرجوا يطلبون المتسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارق الشام، وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين، وبها قبائل من الأزد كانوا نزلوها من زمان عمرو بن عامر ماء السماء..