وفي تعوذ الحسين من الكرب والبلاء، مرادف لفظي آخر جاء متطابقا إلى حد كبير مع لفظة " كربلاء " موصوفة. فالكرب، هو الشدة المصحوبة بالألم. والبلاء هو النهاية وبلية الموت.
ولو نسبنا اللفظة إلى مرادف آخر، لوجدناها تصح بلفظة " كر وبلاء " ومعنى الكر هنا، هو أحد وجهي الهجوم والتراجع في المعارك، وهو ما يعني الهجوم - الكر - لأن التراجع يعني - الفر - وهكذا يقال في وصف معركة: " قتال بين كر وفر " أي بين إقدام وهروب.
أما لفظة " كربلاء " فمعناها متمم لمعنى لفظة " كر " وبلاء هنا بعد لفظة كر، غير تلك البلاء بعد لفظة كرب، فاللفظان إذا عطفا على ما قبلهما، فسرا معنى ما سبقهما، فالبلاء بعد الكرب، تعني الشدة والموت، وبعد الكر، تعني المضاء والنجاح في القتل والهجوم، وهكذا يقال في وصف أحد الشجعان: " أبلى بلاء حسنا " أي قاتل بشكل جيد وماض.
وعلى هذا القياس تفسر لفظة " كر، بلاء " بمعنى: " إقدام، وبسالة " (1).
ومهما كان من آراء المؤرخين تبقى كربلاء الأرض المباركة التي كرمها الله تعالى حيث ضمت بين جنباتها الجسد الطاهر لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وامتزجت تربتها مع دماء العترة الطاهرة من آل الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتسمية كربلاء كما أخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الوحي هي ربما أبعد مما ذكره المحللون لهذه اللفظة، فقد أعطى (صلى الله عليه وآله وسلم) تفسيرا واقعيا للفظة كربلاء، إذ ذكر فرات الكوفي في تفسيره: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليهما السلام): " يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجم السماء يتهاون إلى القتل،