فلما كثرت أعمال الفتن وأختل الأمن أسند منصب الوزارة إلى رجل قدير من ذوي الخبرة والمقدرة السياسية إلا وهو ابن سهلان الرامهرمزي، الذي حاول جاهدا في تهدئة الأحوال، وإعادة الأمن، وإرجاع الطمأنينة والسكينة إلى النفوس، وكان ابن سهلان وزير السلطان البويهي الذي قال عنه أبو الفرج ابن الجوزي: " أبو محمد الحسن بن الفضل الرامهرمزي، خلع الوزارة من قبل سلطان الدولة، وهو الذي بنى سور الحائر بمشهد الحسين " (1).
فأول ما قام به أمر بتجديد بناء السور الخارجي للحائر، وأقام العمارة من جديد على القبر المطهر بأحسن ما كان عليه. فقد شاهد ابن بطوطة هذه العمارة عند رحلته إلى كربلاء سنة 727 ه فقال:
" ثم سافرنا إلى مدينة كربلاء، مشهد الحسن بن علي (عليهما السلام)، وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل، ويسقيها الفرات، والروضة المقدسة داخلها، وعليها مدرسة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وعلى باب الروضة الحجاب والقومة، لا يدخل أحد إلا عن إذنهم، فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة، وعلى الأبواب أستار الحرير، وأهل هذه المدينة طائفتان، أولاد رخيك وأولاد فائز، وبينهما قتال أبدا، وهم جميعا إمامية يرجعون إلى أب واحد، ولأجل فتنتهم تخرت هذه المدينة " (2).
وبعد انقراض دولة البويهين، جاء الدور السلجوقي في حكم العراق، وقد أبدوا السلاجقة اهتماما ملحوظا بالعتبات المقدسة، وكان على رأسهم السلطان ملك شاه السلجوقي الذي زار الحائر في سنة 479 ه مع وزيره نظام الملك، فأمر