يصدق الزهراء في دعواها؟ وهل كانت أقل من جابر؟ ألم تكن من خير أمة أخرجت للناس؟ أيظن بها أن تتعمد الكذب على رسول الله؟ وأنت تقول: لا يظن بمسلم فضلا عن صحابي أن يكذب متعمدا على رسول الله؟
أقول: ما الفرق بين قضية جابر وقضية الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، بعد التنزل عن كل ما هنالك، وفرضها واحدا أو واحدة من الصحابة فقط؟ ما الفرق؟ لماذا يعطى جابر؟ ولماذا يكون الخبر الواحد هناك حجة؟ ولماذا لا يكذب جابر بل يصدق ويترتب الأثر على قوله بلا بينة ولا يمين ولا ولا؟ ولماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟
إذن، هناك شئ آخر...
إذن، من وراء القضية - قضية الزهراء - شئ آخر...
فرجعت فاطمة خائبة إلى بيتها...
ثم جاءت مرة أخرى لتطالب بفدك وغير فدك من باب الإرث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن فدكا أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب بالإجماع، وكل ما يكون كذا فهو ملك لرسول الله بالإجماع، وكل ما يتركه المسلم من ملك أو من حق فإنه لوارثه من بعده بالإجماع، والزهراء أقرب الناس إلى رسول الله في الإرث بالإجماع.
هذه مقدمات أربع، وكلها مترتبة متسلسلة.
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة - واللفظ للأول - إن فاطمة (عليها السلام) بنت النبي أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي عن خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول الله قال: " لا نورث ما تركنا صدقة "، إنما يأكل آل محمد في هذا المال، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر،