بعض الصحابة والتابعين (1).
رسول الله لم يقل لماذا لم تغسلوا أرجلكم، قال: لماذا لم تمسحوا على أعقابكم، يعني: بقيت أعقابكم غير ممسوحة، وقد كان عليكم أن تمسحوا على ظهور أرجلكم وحتى الأعقاب أيضا يجب أن تمسحوا عليها، ويل للأعقاب من النار.
يقول صاحب المنار: هذا أصح الأحاديث في المسألة، وقد يتجاذب الاستدلال به الطرفان.
أي القائلون بالمسح والقائلون بالغسل (2).
ولاحظوا بقية عباراتهم، فهم ينصون على هذا.
والحاصل: إن رسول الله لم يعترض على القوم في نوع ما فعلوا، أي لم يقل لهم لماذا لم تغسلوا، وإنما قال لهم: لماذا لم تمسحوا أعقابكم " ويل للأعقاب من النار " وهذا نص حديث مسلم، إلا أن البخاري لم يأت بهذه القطعة، فأريد الاستدلال بلفظه على الغسل.
ولا أدري هل لم يأت بالقطعة من الحديث عمدا أو سهوا، وهل أنه هو الساهي أو المتعمد، أو الرواة هم الساهون أو المتعمدون؟
ولما كان هذا الحديث الذي يريدون أن يستدلوا به للغسل، كان دالا على المسح، اضطروا إلى أن يحرفوه، لاحظوا التحريفات، تعمدت أن أذكرها بدقة:
فالحديث بنفس السند الذي في صحيح مسلم الدال على المسح لا الغسل، بنفس السند، يرويه أبو داود في سننه ويحذف منه ما يدل على المسح (3).
وهكذا صنع الترمذي في صحيحه، والنسائي في صحيحه، وابن ماجة في صحيحه ، كلهم يروون الحديث عن منصور عن هلال بن يسار عن يحيى عن عبد الله بن عمرو، نفس السند الذي في صحيح مسلم، لكنه محرف، قارنوا بين الألفاظ، وهذا غريب جدا.