عن حال هذين السندين وفيهما من تكلم فيه، لكنا نغض النظر عن البحث السندي، لأن أكثر القوم على صحة الكتابين.
إذن، ننتقل إلى البحث عن فقه هذا الحديث:
لاحظوا في صحيح البخاري: فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته " ويل للأعقاب من النار، ويل للأعقاب من النار " لكن لا بد يكون الكلام متعلقا بأمر متقدم، رسول الله يقول: " ويل للأعقاب من النار " وليس قبل هذه الجملة ذكر للأعقاب، هذا غير صحيح.
أما في لفظ مسلم: فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال: " ويل للأعقاب من النار " وهذا هو اللفظ الصحيح.
إذن، من هذا الحديث يظهر أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يغسلوا أرجلهم في الوضوء، وإنما مسحوا، لكنهم لما مسحوا لم يمسحوا كل ظهر القدم وبقيت الأعقاب لم يمسها الماء ، فاعترض عليهم رسول الله، لماذا لم تمسحوا كل ظهر القدم، ولم يقل رسول الله لماذا لم تغسلوا، قال: لماذا لم تمسحوا كل ظهر القدم.
لا بد وأنكم تشكون فيما أقول، ولا تصدقون، ولا توافقوني في دلالة الحديث على المعنى الذي ذكرته، وتريدون أن آتي لكم بشواهد من القوم أنفسهم، فيكون هذا الحديث دالا على المسح دون الغسل!! مع إنهم يستدلون بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص على وجوب الغسل دون المسح!! لاحظوا:
يقول ابن حجر العسقلاني بعد أن يبحث عن هذا الحديث ويشرحه، ينتهي إلى هذه الجملة ويقول: فتمسك بهذا الحديث من يقول بإجزاء المسح.
ويقول ابن رشد - لاحظوا عبارته -: هذا الأثر وإن كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح، فهو أدل على جوازه منه على منعه، وجواز المسح أيضا مروي عن