المذكور في الكتب هو الطبري الشيعي، واختلط الأمر عليهم والطبري الشيعي أيضا قائل بالمسح فتصور الكتاب والمؤلفون والمطالعون أن هذا الطبري صاحب التفسير والتاريخ، وهل يصدق بهذا؟!
إذن، لماذا رماه ذاك بالرفض، ولماذا رماه ذاك بالوضع، ولماذا قال الآخر قولا آخر في حقه، ولماذا كل هذا؟
عرفتم أن القول بالمسح رأي كثير من الصحابة والتابعين، وقول الحسن البصري أيضا كذلك، وقول الطبري صاحب التفسير والتاريخ أيضا كذلك، وهناك علماء آخرون أيضا يقولون بهذا القول.
أذكر لكم قضية، لاحظوا، ذكروا (1) بترجمة أبي بكر محمد بن عمر بن الجعابي - هذا الإمام الحافظ الكبير، والمحدث الشهير - ذكروا بترجمته أنهم قد وضعوا علامة على رجله حينما كان نائما، وبعد أن راجعوا تلك العلامة بعد ثلاثة أيام وجدوها باقية موجودة ! خطوا على رجله بقلم أو بشئ آخر وهو نائم لا يشعر، وبعد ثلاثة أيام رأوا الخط موجودا على رجله، فقالوا بأن هذا الشخص لم يصل، لأنه إن كان قد صلى فقد توضأ، وإن كان قد توضأ فقد غسل رجله، وحينئذ تزول العلامة عن رجله، ولما كانت باقية فهو إذن لم يصل هذه المدة.
أقول: إن كان أبو بكر الجعابي تاركا للصلاة حقيقة، فهذا ليس غريبا، فكم له من نظير في كبار علمائهم، ولي مذكرات من كبار علمائهم الأعلام ينصون بتراجمهم أنه كان يترك الصلاة، من جملتهم زاهر بن طاهر الشحامي النيسابوري، يصرحون بأن هذا المحدث كان يترك الصلاة مع أنهم يعتبرونه من كبار الحفاظ، يعتمدون على روايته بل يجعلونه من جملة الشهود عند الحكام، والشاهد يجب أن يكون عادلا، وكأن ترك الصلاة لا يضر بالعدالة.