والنصوص الواردة في هذا المورد التي يستفاد منها هذه القاعدة عند المشهور بين فقهائنا، فيها ما هو صحيح سندا وتام دلالة، وعلى أساس هذه القاعدة أفتى الفقهاء باستحباب كثير من الأشياء مع عدم ورود نص خاص فيها، ومع عدم انطباق عمومات أو مطلقات على تلك الأشياء.
إذن بأحد هذه الطرق تنتهي الفتوى بالاستحباب إلى الشارع المقدس، وإذا انتهى الشئ إلى الشارع المقدس أصبح من الدين، ولم يكن مما ليس من الدين، ليكون إدخالا لما ليس من الدين في الدين فيكون بدعة.
وبعد بيان هذه المقدمة، ومع الالتفات إلى أن القاعدة المذكورة قاعدة ورد فيها النص من طرقنا ومن طرق أهل السنة أيضا، وهي قاعدة مطروحة عندهم أيضا، والحديث عن رسول الله بهذا المضمون وارد في كتبهم، كما في فيض القدير (1).
وبعد، على من يقول بجزئية الشهادة الثالثة في الأذان جزئية استحبابية أن يقيم الدليل على مدعاه بأحد هذه الطرق أو بأكثر من واحد منها، وسأذكر لكم أدلة القوم، وسأبين لكم أن كثيرا منها ورد من طرق أهل السنة أيضا، مما ينتهي إلى اطمئنان الفقيه ووثوقه باستحباب هذا العمل.