لقائل أن يقول: إذا كان هذا المؤذن يرى نقصان الأذان حال كونه فاقدا للشهادة الثالثة، ويريد أن يكمله بهذه الشهادة، لكون الولاية من أصول اعتقاداته، ويريد الإعلان عن هذا الأصل الاعتقادي في أذانه، فليعلن عن المعاد أيضا، لأن الاعتقاد بالمعاد من الأصول، وليعلن أيضا عن إمامة سائر الأئمة، لأنه يرى إمامتهم أيضا، لا إمامة علي فقط.
لكن هذا الاعتراض غير وارد:
إذ لا خلاف ولا نزاع في ضرورة الاعتقاد بالمعاد، كما أن من الواضح أن إمامة سائر الأئمة فرع على إمامة علي (عليه السلام)، وإذا ثبت الأصل ثبتت إمامة بقية الأئمة، وكما كان لمنكر ولاية علي دواع كثيرة على إخفاء هذا المنصب لأمير المؤمنين، فلا بد وأن يكون لمن يثبت هذا الأمر ويعتقد به، أن يكون له الداعي القوي الشديد على الإعلان عنه.
ليس المقصود أن نبحث عن فصول الأذان، وأن أي شئ من فصول الأذان، وأي شئ ليس من فصوله، لكي نأتي إلى البحث عن المعاد ونقول لماذا لا يعلن عن المعاد في الأذان مثلا؟ وإنما كان المقصود أن هذا المؤذن الشيعي الإمامي يرى بأن الشهادة برسالة رسول الله بدون الشهادة بولاية علي ليست بشهادة، إنه يريد الإعلان عن معتقده الكامل التام، والشهادة برسالة رسول الله بلا شهادة بولاية علي تساوي عدم الشهادة برسالة رسول الله في نظر الشيعي.
وإلى الآن ظهر أن مقتضى الأصل، مقتضى القاعدة الجواز والإباحة مع عدم قصد الجزئية.
إنما الكلام فيما لو أتى بهذه الشهادة بقصد الجزئية، حينئذ يأتي دور مانعية توقيفية الأذان، لأن الأذان ورد من الشارع المقدس بهذه الكيفية الخاصة، بفصول معينة وبحدود مشخصة، فإضافة فصل أو نقص فصل من الأذان، خلاف الشرع وخلاف ما نزل به جبرئيل ونزل به الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حينئذ يحصل المانع عن الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان بقصد الجزئية، وعلى من يريد أن يأتي بها بقصد الجزئية أن يقيم الدليل المجوز، وإلا لكان بدعة، لكان إتيانه بالشهادة الثالثة إدخالا في الدين لما ليس من الدين.