الملاحظة الثانية:
هناك قاعدة في علم الحديث يعبرون عنها بقاعدة الحديث يفسر بعضه بعضا، إن الحديث كالقرآن يفسر بعضه بعضا، ونحن في هذين اللفظين المذكورين المرويين بسندين صحيحين، نرى أحدهما يقول: " من كنت مولاه فإن عليا مولاه "، والآخر يقول: " من كنت وليه فهذا وليه "، فلو كان هناك إبهام في معنى كلمة المولى ومجئ هذه الكلمة بمعنى الولي، ومجئ هذه الكلمة بمعنى الأولى، لو كان هناك إبهام، فإن اللفظ الثاني يفسر اللفظ الأول.
وكم من شواهد من هذا القبيل عندنا في الحديث، هذه الشواهد الكثيرة الصحيحة سندا تأتي مفسرة للفظ المولى لو كان هناك حاجة إلى تفسير هذه الكلمة.
الملاحظة الثالثة:
إن مسلم بن الحجاج يروي هذا الحديث في صحيحه إلى حد حديث الثقلين، وذلك لأنه كان عندنا في لفظ النسائي أنه قال: " كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي " إلى آخر هذا الحديث، ثم قال: " إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن " إلى آخره (1).
ومسلم يروي هذا الحديث إلى حد الحديث الأول وهو حديث إني تارك فيكم الثقلين، مع تغيير في الألفاظ، ولا يروي بقية الحديث مما يتعلق ب " من كنت مولاه فهذا علي مولاه "، ونحن مع ذلك شاكرون لمسلم، حيث روى هذا الحديث بهذا المقدار، لأن البخاري لم يرو منه شيئا أبدا، نشكر مسلم على أمانته بهذا المقدار.
ورب قائل يقول: بأن مشايخ مسلم ورواة الحديث لم يرووا له أكثر من هذا، أو أن مسلما على أساس الضوابط والشروط التي تبناها في صحيحه لم يجد سندا آخر من أسانيد هذا الحديث متوفرة فيه تلك الشروط إلا هذا الحديث الذي نقله وأورده بهذا