يحكم بحكم داود (عليه السلام)، رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان وبعضكم ألحن بحجته من بعض، وأيما رجل قطعت له قطعة فإنما أقطع له قطعة من نار " (1).
أوضح لكم هذه الرواية: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا تخاصم إليه رجلان على كتاب مثلا، على دار، أو على أي شئ آخر، يطلب من المدعي البينة، وحينئذ إن أقام البينة أخذ الكتاب من المدعى عليه وسلمه إلى المدعي، وهذا الحكم يكون على أساس البينة، يقول رسول الله إنما أقضي عليكم إنما أقضي بينكم بالبينة، أما إذا كانت البينة كاذبة والمدعي أقامها وعن هذا الطريق تملك الكتاب، فليعلم بأن الكتاب هذا قطعة من النار، أنا وظيفتي أن أحكم بينكم بحسب البينة، وأنت أيها المدعي إن كنت تعلم بينك وبين ربك أن الكتاب ليس لك، فلا يجوز لك أخذ هذا الكتاب.
إذن، يكون حكم رسول الله والحكم الإسلامي على أساس القواعد المقررة، وهذه هي الأدلة الظاهرية المعمول بها.
فإذا جاء المهدي سلام الله عليه، لا يأخذ بهذه القواعد والأحكام الظاهرية، وإنما يحكم طبق الواقع، فإذا جاء ورأى أن الكتاب الذي بيدي هذا الكتاب الذي بحوزتي هو لزيد، أخذه مني وأرجعه إلى زيد، وإذا علم أن هذه الدار التي أسكنها ملك لعمرو أخذها مني وأرجعها إلى عمرو، فكل حق يرجع إلى صاحبه بحسب الواقع.
وعلى هذا، إذا كان الإمام (عليه السلام) ظهوره بغتة، وكان حكمه بحسب الواقع، فنحن ماذا يكون تكليفنا فيما يتعلق بنا في شؤوننا الداخلية والشخصية؟ في أمورنا الاجتماعية؟
في حقوق الله سبحانه وتعالى علينا؟ وفي حقوق الآخرين علينا؟ ماذا يكون تكليفنا وفي كل لحظة نحتمل ظهور الإمام (عليه السلام)، وفي تلك اللحظة نعتقد بأن حكومته ستكون طبق الواقع لا على أساس القواعد الظاهرية؟ حينئذ ماذا يكون تكليف كل فرد منا؟