ومنعوا الحاضرين من سماع تلك الكلمات لئلا ينقلوها إلى من بعدهم، عن طريق إحداث الضجة من حوله والتكبير؟ وماذا قال رسول الله حتى يكبروا كما جاء في الحديث: فكبر الناس وضجوا؟ لماذا؟ وأي مناسبة بين قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يكون بعدي خلفاء... " وبين التكبير، وبين الضجة ولماذا؟
وعندما بحثت عن ألفاظ الحديث، وجدت في عمدة المصادر لا يلتفتون إلى هذه الحقيقة، أو لا ينبهون على هذه النقطة، حتى عثرت على اسم عمر بن الخطاب في أحد ألفاظه، هذا المقدار الذي بحثت عنه، وقارنت بين القضية هذه وبين قضية الدواة والقرطاس.
وإن أردتم مزيدا من التأكيد والتوضيح، فراجعوا بعض مؤلفات أهل السنة من المتأخرين، فإذا لوجدتم الحديث عن نفس جابر وبنفس السند الذي في صحيح البخاري، كانت تلك الكلمة التي خفيت على جابر: " كلهم من بني هاشم " وليس " كلهم من قريش " فماذا حدث؟ وماذا فعل القوم؟ وكيف انقلبت ألفاظ رسول الله وتغيرت من لفظ إلى لفظ على أثر الضجة؟ منعوا من سماع الكلمة وحالوا دون وصول كلامه، فإذا سئلوا ماذا قال؟ أجابوا بغير ما قال رسول الله، عندما سأل: يا أبه أو يا عمر أو يا فلان، يقول: سألت الذي يليني ماذا قال رسول الله؟ قال: " كلهم من قريش ".
لكن عبد الملك بن عمير، يروي الرواية عن جابر نفسه أنه قال: " كلهم من بني هاشم "، وعبد الملك بن عمير نفس الراوي عن جابر في صحيح البخاري، فراجعوا.
نحن وإن كنا لا نوافق على وثاقة عبد الملك بن عمير، هذا الرجل عندنا مطعون ومجروح، لأنه كان قاضي الكوفة، وعندما أرسل الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة رسولا من قبله، وأمر عبيد الله بن زياد بأن يأخذوا هذا الشخص إلى القصر وأمر بإلقائه من أعلى القصر إلى الأرض فسقط على الأرض وبه رمق، جاء عبد الملك ابن عمير، وذبح هذا الرجل في الشارع، فلما اعترض عليه قال: أردت أن أريحه.
هذا الشخص - عبد الملك - ليس عندنا بثقة، لكنه من رجال الصحاح الستة.