فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله وسلم) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما ".
لاحظوا هذه الكلمة: " أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته ".
ثم لاحظوا ماذا يقول الرسول لعلي: " إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير، وإنك لعلى خير " (1).
أرجو الانتباه إلى ما أقول، لتروا كيف تتطابق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكلام علي في الخطبة القاصعة، إن عليا وإن لم يكن بنبي لكنه رأى نور الوحي والرسالة وشم ريح النبوة.
أترون أن هذا المقام وهذه المنزلة تعادلها منازل جميع الصحابة من أولهم إلى آخرهم في المنازل الثابتة لهم؟ تلك المنازل لو وضعت في كفة ميزان، ووضعت هذه المنزلة في كفة، أترون أن تلك المنازل كلها وتلك المناقب، تعادل هذه المنقبة الواحدة؟
فكيف وأن يدعى أن شيئا من تلك المناقب المزعومة يترجح على هذه المنقبة؟
علي لم يكن بنبي، لكنه شم ريح النبوة، لكن ما معنى هذه الكلمة بالدقة، لا نتوصل إلى معناها، وعقولنا قاصرة عن درك هذه الحقيقة، لم يكن بنبي إلا أنه شم ريح النبوة، وأيضا: لم يكن علي نبيا إلا أنه كان وزيرا، لمن؟ لرسول الله الذي هو أشرف الأنبياء وخير المرسلين وأكرمهم وأعظمهم وأقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، وأين هذه المرتبة من