الشيخين لهذا الحديث، ويتخذون عدم إخراجهما للحديث ذريعة للطعن في ذلك الحديث الذي ليس في صالحهم.
أذكر لكم مثالا واحدا، وهو حديث: " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة "، هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين، لكنه موجود في السنن الأربعة، يقول ابن تيمية في مقام الرد على هذا الحديث (1): الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد أورده أهل السنن ورووه في المسانيد كالإمام أحمد وغيره. ومع ذلك لا يوافق على هذا الحديث متذرعا بعدم وجوده في الصحيحين.
إلا أن الملفت للنظر لكل باحث منصف، أنهم في نفس الوقت الذي يؤكدون على قطعية صدور أحاديث الصحيحين، ويتخذون إخراج الشيخين للحديث أو عدم إخراجهما للحديث دليلا وذريعة ووسيلة لرد حديث أو قبوله، في نفس الوقت إذا رأوا في الصحيحين حديثا في صالح الإمامية يخطئونه ويردونه وبكل جرأة.
ولذا لو راجعتم إلى كتاب التحفة الاثنا عشرية (2) لوجدتم صاحب التحفة يبطل حديث هجر فاطمة الزهراء أبا بكر وأنها لم تكلمه إلى أن ماتت، يبطل هذا الحديث ويرده مع وجوده في الصحيحين.
وينقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري (3)، وأيضا ابن حجر المكي في كتاب الصواعق (4)، ينقلان عن البيهقي أنه ضعف حديث الزهري الدال على أن عليا (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر مدة ستة أشهر، فالبيهقي يضعف هذا الحديث ويحكي غيره كالقسطلاني وابن حجر هذا التضعيف في كتابه، مع أن هذا الحديث موجود في الصحيحين.