وحينئذ، إذا راجعتم كتاب طبقات الشافعية للسبكي (1) رأيتموه ينقل عن الذهبي إن الحاكم سئل عن حديث الطير فقال: لا يصح ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد رسول الله. ثم قال شيخنا: وهذه الحكاية سندها صحيح، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك. يعني: إذا كان الحاكم يعتقد بأن الشيخين أفضل من علي، فلماذا أخرج الحديث في المستدرك؟ ولماذا صححه؟
حينئذ يقول السبكي: قد جوزت أن يكون زيد في كتابه.
يعني: حديث الطير زيد في كتاب المستدرك!! لاحظوا إلى أي حد يحاولون إسقاط حديث من الأحاديث، قد جوزت أن يكون زيد في كتابه، أن لا يكون من روايات الحاكم.
يقول السبكي: وبحثت عن نسخ قديمة من المستدرك فلم أجد ما ينشرح الصدر بعدمه [أي وجدت الحديث في كل النسخ] وتذكرت الدارقطني إنه يستدرك حديث الطير، فغلب على ظني إنه لم يوضع عليه [أي إن الحديث لم يوضع على الحاكم، ولم يزده أحد في المستدرك] ثم تأملت قول من قال: إنه [أي الحاكم] أخرجه من الكتاب، فإن ثبت هذا صحت الحكايات، ويكون خرجه في الكتاب قبل أن يظهر له بطلانه، ثم أخرجه منه لاعتقاده عدم صحته كما في هذه الحكاية التي صحح الذهبي سندها، ولكنه بقي [أي الحديث] في بعض النسخ، إما لانتشار النسخ بالكتاب، أو لإدخال بعض الطاعنين في الشيخين إياه [أي الحديث] فيه [أي في المستدرك] فكل هذا جائز، والعلم عند الله تعالى.
هذا نص عبارة السبكي.
أقول: هذه نماذج من محاولات القوم لإسقاط الحديث، ولإثبات أن الحاكم لم يروه في مستدركه، وذلك يكشف عن اضطراب القوم أمام تصحيح الحاكم وإخراجه هذا