المسانيد، في شئ من السنن، في شئ من معاجم الحديث، ولكن الله شاء أن يصلنا هذا الخبر ولو في كتاب في الرجال، ولو من ناحية من يتهمونه بالتشيع - وهو عباد بن يعقوب الرواجني - يتهمونه بالتشيع لروايته مثل هذه الأخبار، مما يدل على فضائل أمير المؤمنين، وبعض ما يسئ الآخرين.
وعلى كل حال، فخالد هذا وضعه، وهذا شأنه، ترون أنه أراد أن ينتهز تلك الفرصة، قضية أخذ أمير المؤمنين تلك الجارية، يقول الحديث: وكانت جارية حسناء - عندما قرأت هذه الكلمة، تذكرت قضية زوجة مالك، فإن مالك بن نويرة عندما قبض عليه خالد وأمر بقتله، التفت إلى زوجته وقال: أنت التي قتلتيني، وذلك لأنها كانت من أجمل نساء العرب، وكان خالد يهواها، ولذا زنا بها في نفس الليلة التي قتل فيها مالكا، وهذا ما أدى إلى ضجة شديدة بالمدينة المنورة بين عامة المسلمين - ففعل علي هذا، أي أخذ الجارية هذه من الخمس، وقال رسول الله: " إن له أكثر من ذلك "، وكان خالد يتصور بأنه لو ينتهز هذه الفرصة، ويرسل هؤلاء الجماعة، ويكتب هذا الكتاب، وينسق مع الموجودين في المدينة المنورة، الذين يفكرون تفكيره ويخططون معه، يمكنهم أن يستفيدوا من هذه القضية، لأن يحطوا من منزلة علي عند رسول الله وعند المسلمين، وكأن في القضية مؤامرة مدبرة من هؤلاء المنافقين، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ملتفت إلى جميع القضايا، رسول الله يعلم، رسول الله عالم بنوايا هؤلاء القوم، وهم لا يعلمون أنه يسمع أصواتهم من وراء الباب، من وراء الجدار، وهم جالسون على بابه، فخرج (صلى الله عليه وآله وسلم) والغضب يعرف في وجهه فقال: " ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، دعوا عليا... ".
وما زالت المؤامرات ضد علي وإلى يومنا هذا، وما زال علي مظلوما تحاك له المؤامرات وتدبر له المخططات، وإلى متى؟ حتى بعض من ينسب نفسه إليه، حتى بعض من يدعي الانتساب إليه، وإلى متى يبقى علي مظلوما، لكن الله شاء هذا، وشاءت المصلحة العامة أن يكون حال علي كحال هارون، وأن تكون منزلته من رسول الله منزلة هارون من موسى، كما سنقرأ في حديث المنزلة.