وعلومه، والتاريخ، والتراجم، واللغة العربية وآدابها، والكلام، والفلسفة، والمنطق، والرياضيات، والهيئة والفلك، والعلوم الطبيعية الأخرى، ففي كل حقل من حقول المعرفة نجد عددا غير قليل من النسخ الخطية، وقد حاول الباحثون الغربيون منذ القرن العاشر الميلادي الاستفادة من هذا التراث الهائل، فعملوا على جمعه وملاحقة مظان وجوده، بواسطة قنوات الاتصال بينهم وبين الحضارة الإسلامية، من خلال صقلية، والأندلس، والحروب الصليبية، والرحالة الأوربيين في المشرق الإسلامي، وأخيرا المستشرقين وسماسرتهم في العالم الإسلامي، فتراكمت لديهم ثروة واسعة من المخطوطات العربية النفيسة، توزعت في مكتبات أوروبا (21)، وأضحت فيما بعد ترسانة معرفية، شكلت أساسا لاستلهام وتكوين صورة الإسلام والشرق في الوعي الغربي، إذ عمل الباحثون الغربيون على التقاط ما أرادوه من هذا التراث، بعد أن اقتطعوه من جسمه العام، وأعادوا تركيبه، لتأتلف منه صورة للإسلام وتراثه وإنسانه، تتطابق مع حقد الإنسان الأوروبي التاريخي إزاء الإسلام.
وتمثلت المحاولات الأولى في عمل الأوروبيين على هذا التراث المخطوط، بترجمة مختارات منه، من أجل الاستفادة من ما اكتنزه من إبداع وابتكار، في الرياضيات، والهيئة، والطب، والمنطق، والفلسفة، كما حاولوا الاتصال بما لم يصلهم من التراث اليوناني، بواسطة ما نقل منه إلى العربية، وما اكتسبه من تنقيح وتطوير وتكميل على يد الفلاسفة المسلمين، حتى إذا حصلوا على أصوله اليونانية أو اللاتينية القديمة، تعاملوا معه مباشرة - كما ألمحنا أول الكلام -.