ولم تتوقف الترجمات عند هذه الكتب، وإنما شملت في مرحلة لاحقة لونا آخر من هذا التراث، وهو ما تقدمت الإشارة له قبل قليل، من قبيل (قصص ألف ليلة وليلة) وغيرها من موروث فلكلوري، أو ما يرتبط بالشخصيات الماجنة والقلقة في تاريخنا مثلا، لكي تتشكل صورة الإسلام والمسلمين في إطار هذه القصص والشخصيات، وتعمم هذه الصورة للأجيال الآتية من الأوروبيين، فيظل هذا الإنسان يشعر بالتفوق، ويسوغ هيمنته وتسلطه واستعماره للمجتمعات الشرقية.
وتمثلت الخطوة اللاحقة في تعامل الغربيين مع التراث العربي المخطوط الذي وقع بأيديهم، بالسعي لطباعة ونشر مختارات منه، على أساس لا يبتعد عن هدفهم في ترجمة بعض مفرداته.
من هنا يمكن القول بوضوح، إن سعي الأوروبيين قبل قرون عديدة لانتزاع المخطوطات العربية من أيدي أهلها والاستحواذ عليها، واستهلاك جهود جبارة في تجميعها والاحتفاظ بها، وترجمة بعضها، وأخيرا نشر بعضها الآخر، إنما يعود جزء كبير من هذا العمل الدؤوب، إلى محاولة الهيمنة على الإنسان الذي أعطى هذا العطاء الكبير للإنسانية، لأن أفضل وسيلة لاكتشاف أية أمة ومعرفتها بجلاء، هي تفحص تراثها ودراسته وتحليله، والعلم بعناصر القوة والضعف فيه، فيجري طمس وإقصاء لعناصر القوة هذه، فيما يجري في الوقت نفسه تأكيد لإثارة مكامن الضعف، لتدمير شخصية الأمة وتشويه تاريخها، وإثارات النعرات والفتن المنسية في ذلك التاريخ.
وهذا ما عمله بعض المستشرقين، عندما اجتزأوا مفردات محددة من تراثنا، وترجموها ونشروها، بعد أن اقتطعوها من سياقها العام وظروفها الزمنية الخاصة، وحاولوا الايحاء بأن هذه المفردات تعبر عن هوية الأمة المسلمة، وتجسد تجربتها الحضارية.
ومما ينبغي التنويه به، أن جماعة من المستشرقين بذلوا جهودا علمية