مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٢٠٠
من فوق أو تحت، إذ يقول:
(وكما نأمره بنقط ما ينقط للبيان، كذلك نأمره بتبيين المهمل، بجعل علامة الاهمال تحته، فيجعل تحت الحاء حاء صغيرة، وكذلك تحت العين عينا صغيرة، وكذلك الصاد والطاء والدال والراء، وهو عمل بعض أهل المشرق والأندلس... ومنهم من يقلب النقط في المهملات، فيجعله أسفل، علامة لإهماله) (20).
تلك إشارات سريعة أفصحت عن بعض الملامح من منهج القدماء في صيانة التراث والحفاظ عليه، والدقة والأمانة في نقله وتداوله، وهذا المنهج الذي ولد في أحضان التراث، استجاب في عصر الكتاب المخطوط وقبل ظهور الطباعة، لحاجة ماسة في نفي التصحيف عن المخطوطات، وتطابقها مع الأصل الذي كتبه المؤلف، وحمايتها من أية محاولات غادرة للسطو، أو التشويه، أو لانتحال.
ومما لا شك فيه أن وصول عدد جيد من الكتب المخطوطة من تراث العصر الإسلامي الأول، بصورة سالمة وصحيحة، ما كان له أن يتم لولا العناية الفائقة المستندة إلى قواعد وتقاليد علمية دقيقة، في نسخ الكتاب، ومقابلته على الأصل، والأمانة في تلقيه ونقله للآخرين.
بداية نشر التراث العربي الإسلامي وصلنا عدد وفير من المخطوطات العربية، قدرة البعض بنحو ثلاثة ملايين نسخة، منتشرة في خزائن المخطوطات في مختلف أنحاء العالم، وتشتمل هذه المخطوطات على مؤلفات في التفسير وعلوم القرآن، والحديث

(20) القاضي عياض. مصدر سابق: ص 157.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست