هو الكتاب، يطلق تضله الألباب، وهو الديوان الأقدم، والميزان الأقوم، والقانون الذي هو لكل محتذ مثال، والمعقل الذي لكل منضو تمثال، وكأنه الرأس الذي هو رئيس الأعضاء، والراز (40) الذي بيده مطمر (41) البناء، والإمام الذي إن نزلت بك شبهة أنزلتها به، وإن وقعت بك معضلة أوردتها على بابه، والحكمة التي قيدت بها الفلاسفة فهي حاجلة (42) فراسفه (43).
حشا غامضات سيبويه كتابه * وأحر بأن تعتاص تلك وتشتدا إذا وقع الأحبار فيها تحيروا * فلم يجدوا من مرجع القهقري بدا آخران:
ألا صلى المليك صلاة صدق * على عمرو بن عثمان بن قنبر فإن كتابه لم يغن عنه * بنو قلم ولا أبناء منبر ثم لا تسأل عن تناسق هذه اللغة وتتاليها، وعن تجاذب أطرافها وتجاليها، وما ينادي عليه طرق اشتقاقها من حسن تلاؤمها واتفاقها، يصادف المشتق الصيغ متناصره، آخذا بعضها بيد بعض متخاصره، ووراء ذلك من الغرائب ما لا ينزف وإن نزف البحر، ومن الدقائق ما لا يدق معه الكهانة والسحر، ولا يعرف ذلك إلا من فقه فيها وطب (44)، وزاولها مذ شب إلى أن دب، وضرب آباطها (45)، حتى بلغ نياطها (46).