صماخ قريته (13)، وهكذا جحاجحة العرب، لا تتخطاهم في رشق أصابه، ولا تسقط لنازعهم في قوس نشابه (14).
وسألني الإجابة عن تلك السؤالات بنظم رسالة من أبلغ الرسالات، تقع من السائل موقع الفرات (15) من الحران (16)، وتنزل منه منزلة السداد من الحيران، وكرر الطلب وردد، وألح فيه وشدد، وضيق علي الأمر وعوصه، وقال: أنت الذي عينه الله وشخصه، حتى لم أجد بدا من إجابته إلى ما أراد، وإسعافه بما ابدأ فيه وأعاد، وكان أمثل الأمرين أن الجم نفسي وأحجرها، وأن ألقمها حجرها، ولا أفغر بمنطق فما، ولا أبل بجواب قلما، وليس بين فكي لسان دافع، وليس في ماضغي ضرس قاطع، ولا بين جنبي نفس حركة نشيطة، ولكن حردة (17) مستشيطة، لما أنا مفجوع به من مفارقة كل أخ كان يسمع مني الكلمة الفذة فيضعها على رأسه، ويعض عليها بأضراسه، ويتقبلها بروحه، ويلصقها بكبده، ويجعلها طوقا في أعلى مقلده، ويسكنها صميم فؤاده، ويخطها على بياض ناضره بسواده، لولا خيفة أن تسول له نفسه أنني أقللت الاكتراث بمراسلته، وأخللت الاحتفال بمسألته، وأن يقول بعض السمعة - ممن يحسب لساني لسان الشمعة -:
أقسم بالله قسما ما وجد في ديسم (18) دسما، فمن ثم ضرب عنه صفحا، وطوى