مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٤
ولا أذكر لك ما في كلام فصحائهم، من خطبائهم وشعرائهم، من طرق فصاحة انتهجوها، وخيل بلاغة ألجموها وأسرجوها، وما وجد في مراكضهم ومضاميرهم، من سبقهم ومحاضيرهم، من الافتنان في بابي الكناية والمجاز، وإصابة مواقع الإشباع والإيجاز، والإبداع في الحذف والإضمار، والأغراب في جملة اللطائف والأسرار، فإنك تعارضني بأن هذه الأشياء أشرك الله فيها العقلاء، ورأينا الأعاجم قد صنفوا فيها معاجم، فكم في الفرس من الفرسان، وما أهل خراسان بالخرسان، على أني لو قلت تلك (47) لوجدت مقالا، وصادفت لفرسي مجالا، ولأصبت فيه وجها من الاحتجاج، وردا للشغب واللجاج، فإن هذه الأشياء لا تجمل ولا تجزل ولا تنبل ولا تفحل، ولا تحسن ولا تبهى، ولا تختال ولا تزهى، إلا واقعة في هذا اللسان، دائرة بين أظهر هذا البيان، ومثل ذلك مثل الوشي الفاخر، والحلي من سري الجواهر، تلبسها الحسناء فتزيدها حسنا إلى حسن، وتعطيها زينا إلى زين، فإن نقلتها إلى الشوهاء تخاذل أمرها وتضاد، وتناقض وتراد، وعصف بنصف حسنها وزينها، ما تطلعه الشوهاء من قبحها وشينها، وكفاك بما عددت عليك أدلة متقبلة، وشهودا معدلة، على أن هذا اللسان هو الفائز بالفصل، الحائز للخصل (48)، وأن ما عداه شبه (49) إلى العسجد، وشب (50) إلى زبرجد.
ثم اسمع بفضلك، فقد آن أن أفذلك (51)، وأختم هذا الفصل بما يحلق

(٤٧) الكلمة قلقة في هذه العبارة.
(٤٨) يقال: أصاب خصله واحرز خصله: غلب على الرهان، وقال بعضهم: الخصلة الإصابة في الرمي " لسان العرب - خصل - ١١: ٢٠٦ ".
(٤٩) الشبه والشبه: النحاس الأصفر، أنظر " لسان العرب - شبه - ١٣: ٥٥ ".
(٥٠) الشب: حجر معروف يشبه الزاج، وقد يدبغ به الجلود " النهاية - شبب - ": 439 ".
(51) يقال: فذلك حسابه أنهاه وفرغ منه، " القاموس المحيط - فذلك - 3: 315 ".
(٢٢٤)
مفاتيح البحث: خراسان (1)، الغلّ (1)، الرهان (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست