مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٢٢٧
وسمعت أنا كوفيا يسأل بدويا عن ماوان (59) وقد شارفناها، فقال: هي ميهة. فقال الكوفي: أمية مما كانت؟ قال: إي والله أموه مما كانت. كأنه يصححها عليه.
ورأيت الخلق في المسجد الحرام يترادون الكلام في اللغات الفصحى، ويتعادون من له في ميدان البلاغة الخطا الفسحى، ويتذاكرون الكلمات التي تزيغ فيها الحاضرة (60) عن السنن ولا ينقحونها من العجر (61) والأبن (62) كأن أفواههم للحكمة ينابيع، وهم على ذلك مطابيع.
هذا، ولما سمعت العرب القرآن المجيد ملأت الروعة قلوبهم وملكت نفوسهم، وهز الاستعجاب مناكبهم، وأنغض رؤوسهم، وبقي أذلقهم لسانا، وأعرقهم بيانا، كالمحجوج إذا أبكتته الحجة، فأخذته الرجة، وكالياسر إذا أصبح مقمورا مقهورا، فقعد مبهوتا مبهورا، وكالصريع إذا عن له من لا يبالي بصراعه، وكالمرتبع (63) إذا غلبه من لا يلتفت إلى ارتباعه، ولقد قابلوه بأفصح كلامهم، فقال منصفوهم: جرى الوادي فطم على القري (64)، ومن يعبأ بالعباء مع الوشي العبقري (65).

(٥٩) ماوان: واد فيه ماء بين الفقرة والربذة فغلب عليه الماء فسمي بذلك الماء ماوان. قال في المعجم:
فأما ماوان السنور فليس بينه وبين مساكن العرب مناسبة ولعل أكثرهم ما يدري ما السنور: وهي قرية في أودية العلاة من أرض اليمامة، أنظر " معجم البلدان ٥: ٤٥، مراصد الاطلاع ٣: ١٢٢٢ ".
(٦٠) أي أهل الحضر لأنهم مظنة اللحن.
(٦١) العجر: جمع عجرة، وهي العقدة في عود وغيره، ويقال: في كلامه عجر فيه وتعجرف أي جفوة " أساس البلاغة - عجر - ٢٩٤ ".
(٦٢) الأبن: العقد تكون في القسي تفسدها وتعاب بها " النهاية - ابن - ١: ١٧ ".
(٦٣) ربع الحجر وارتباعه إشالته ورفعه لإظهار القوة " النهاية - ربع - ٢: ١٨٩ ".
(٦٤) مثل سائر، معناه: جرى سيل الوادي فطم، أي دفن، يقال: طم السيل الركية: أي دفنها، والقري:
مجرى الماء في الروضة، والجمع أقرية وقريان و " على " من صلة المعنى: أي أتى على القري، يعني أهلكه بأن دفنه، أنظر " مجمع الأمثال ١: ١٥٩ / ٨٢٣ ".
(٦٥) الوشي من الثياب معروف، والعبقري: الديباج، أنظر " الصحاح - وشي - ٦: ٢٥٢٤، النهاية - عبقر - 3: 173 ".
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست