في الدارين من مزايا الأثرة ولتقديم في الدارين من مزايا الأثرة والتقديم، ووضع في يديه من نواصي التفضيل والتكريم، والثواب الذي لم يعرف إلا هو كنهه، ولم يعط إلا الملك شبهه، ومن جملة الكوثر ما اختصه به من النهر الذي حاله المسك (102)، ورضراضه التوم (103)، وعلى حافاته من أواني الذهب والفضة ما لا يعاده النجوم.
ثم تبصر كيف نكت في كل شئ تنكيتا، يترك المنطيق سكيتا، حيث بنى الفعل على المبتدأ فدل على الخصوصية، وجمع ضمير المتكلم فأذن بعظم الربوبية، وصدر الجملة المؤخرة على المخاطب أعظم القسم، بحرف التأكيد الجاري مجرى القسم، ما ورد الفعل بلفظ الماضي، على أن الكوثر لم يتناول عطاء العاجلة دون عطاء الآجلة، دلالة على أن المتوقع من سيب (104) الكريم في حكم الواقع، والمترقب من نعمائه بمنزلة الثابت النافع. وجاء بالكوثر محذوف الموصوف، لأن المثبت ليس فيه ما في المحذوف من فرط الابهام والشياع، والتناول على طريق الاتساع، واختار الصفة المؤذنة بإفراط الكثرة، المترجمة عن المعطيات الدثرة، ثم بهذه الصفة مصدرة باللام المعرفة، لتكون لما يوصف بها شاملة، وفي إعطاء معنى الكثرة كاملة.
وعقب ذلك بفاء التعقيب، مستعارة لمعنى التسبيب، يشتقها معنيان، صح تسبيب الإنعام بالعطاء الأكثر، للقيام بما يضاهيه من الشكر الأوفر، وتسليمه