لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ٢ - الصفحة ٣٨
بلون أخضر إلا بمحو الأول وهكذا في أمثال ذلك. ولو كانت النفس مادية وكانت المعلومات الحاصلة فيها والصور العلمية الثابتة لديها حالة فيها حلول الحال في المحل، للزم في تحصيل المعلومات الأخر إلى محو ما كان ثابتا وحاصلا لها من العلوم والصور حتى أمكن أن يرد فيها وعليها علوما جديدة وصورا حادثة، مع أن المسلم بالوجدان، النفس كلما رقت في الدرجات العالية وكلما كثرت إحاطتها في العلوم والمعارف تصير أقوى استعدادا وأشد دركا وضبطا لما يرد عليها من المطالب الدقيقة العلمية والمعارف العقلية، والسمعية فهذا شاهد ودليل على تجردها وعدم تأثرها نظير التأثرات الثابتة للأمور المادية المركبة من العناصر.
الخامس - إن الصور العقلية والمعاني الكلية مجردة عن المادة ومحلها ليس إلا النفس الإنسانية فلا بد وأن يكون النفس مجردة لتكون محلا مناسبا للأمور المجردة، لأن المجرد لا يكون حالا في المادة لعدم المناسبة والسنخية بينهما مع لزوم السنخية بين العارض والمعروض والحال والمحل.
ومما يدل على تجرد النفس الإنسانية من القرآن العظيم قوله تعالى " ثم أنشأناه خلقا آخر " حيث إنه تبارك وتعالى بعد ما بين مراتب خلقة الإنسان مما يكون من سنخ الأجسام من العلقة والمضغة والعظام واللحم وسائر ما يتم به البدن العنصري قال عز من قائل " ثم أنشأناه الآية " أي ثم خلقنا وأنشانا إنشاءا تكوينيا سنخا آخر من الخلق من غير سنخ الأول وهذا ليس إلا النفس المجردة المدركة لا الروح البخاري الذي قوامه بحركة الدم والحرارة الغريزية الطبيعية التي من تبعات الجهات المادية وآثارها وتوابعها، فإنه بمنزلة -
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»