لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ٢ - الصفحة ٣٦
الأول - إن كل فرد من أفراد الإنسان في طول مدة عمره قد أدرك أمورا والتذ من لذائذ مما يلائم مشتهياته وتألم من مؤلمات و تأثر من مؤثرات ينافر طبعه وكلما مضى عليه الزمان ومر عليه الدهر والأيام وطال عمره إذا تفكر وتذكر يسنح بخاطره الخواطر الماضية من المؤلمات والأحزان والمفرحات واللذات والأشواق، مع أنه قد ثبت في محله أن أجزاء البدن بتمامها يتحلل ويتبدل بعد مضي سنين ولو كانت المدركات والتألمات والتأثرات قائمة بهذه الأعضاء العنصرية المتغيرة المتبدلة الفانية في طول العمر فلا بد وأن لا يبقى منها صورة حتى يتذكرها لأن المركب والمعروض لهذه المعاني لو كان فانيا فلا معنى لبقاء العوارض والخواطر، بل لا بد من محوها وعدم التذكر لشئ مما أدركه في حال الصغر عند الشباب ولا بشيء أدركه حال الشباب في زمان الكبر والهرم، مع أنه يدرك ويتذكر لكثير منها ولا شبهة في أنه يعلم إجمالا أن الذي يتذكر ويدرك فعلا، هو - الذي تألم وتأثر أو التذ وليس هذا كله إلا من جهة بقاء النفس و تجرد الروح وأن الذي يدرك هو النفس بالية الأعضاء والجوارح و أن الذي يتألم أو يلتذ هو الروح بآلية أجزاء البدن والذي يكون ثابتا وراسخا ومدركا وملتذا ومتألما ومتأثرا وداعيا وباعثا وزاجرا وآمرا هو النفس الناطقة العاقلة والروح المجرد عن كل مادة وهو الذي يكون باقيا ويتذكر ما ورد عليه قبل سنين من المؤلمات والملتذات ويبقى فيها الخواطر السالفة وليس ذلك إلا لتجردها واستقلالها وعدم تغيرها وتبدلها بتبدل آلاتها وأدواتها.
الثاني - أن ملاك الإدراك ومناطه هو حصول المدرك (بالفتح) بذاته (بناءا على الوجود الذهني) أو بصورته عند المدرك وكل من
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»