وإذا لم تكن هذه الوسائط فمحال أن ترتبط النفس المجردة بمادة البدن الذي صارت ترابا مطروحا على الأرض - هذه خلاصة مقالتهم.
ونقول - في الجواب عنها أولا - أن هذه الصور التي أسستم أصولها لإثباتها وأحكمتم قواعدها وشيدتم بنيانها وأتعبتم أفكاركم في تقريبها لا تنطبق على المحشور في القيامة الكبرى بوجه أصلا وإن أمكن انطباقها في ظاهر الأمر على القوالب المثالية التي في عالم - البرزخ، لأن البدن الدنيوي إذا لم يكن محشورا بعين صورته ولا بمادته فكيف يكون المعاد عين المقبور، فإن عمد شخص إلى لبنة و كسرها ثم أوجد ضورة لبنة في مادة أخرى فهل يقال إن تلك اللبنة هي اللبنة الأولى.
وأما الإشكال الذي أورده على تعلق النفس بالبدن الدنيوي، بأن النفس المجردة لا تتعلق بالبدن العنصري الذي صار ترابا لعدم وجود الوسائط التي لا بد منها في تعلقها - من الروح الحيواني و غيره الذي ذكروه في كلماتهم. فنقول: لو كان ما ذكرتم صحيحا لكان عين ذلك الإشكال واردا على القول بتعلق النفوس بتلك الصور - المجردة المقدارية التي ذهبتم إليها وقلتم بتعلق النفوس بها، فيكون ذلك كرا على ما هربتم منه وفررتم عنه، ولازم ذلك عدم القول بالمعاد والقيامة الكبرى، بل البرزخ والقيامة الصغرى لاتحاد المناط فيها.
فالذي هو الصواب في الجواب وبه ينحل الإشكال أن العالم إذا اختلف اختلفت أحكامه وتلازم الصورة والهيولى في هذا العالم لا يوجب تلازمها في عالم آخر ولا برهان على تلازمها في جميع -