والمستفاد من هذه العبارات أمور: الأول إن ما قالته اليهود:
من أن إسماعيل عليه السلام خرج عن نسل إبراهيم عليه السلام باطل جدا، فإنه عز وجل قال: وابن الأمة أيضا، فإني سأجعله لشعب عظيم، لأنه زرعك. الثاني إنه سبحانه وعد هاجر عليها السلام بكثرة النسل والذرية من قبل ابنها إسماعيل عليه السلام كثرة لا تحصى، كما بشر إبراهيم عليه السلام بهذا على ما سبق، ولا شك في أن محمدا صلى الله عليه وآله كان من أولاد إسماعيل عليه السلام، ومعلوم لمن راجع كتب الأنساب والتواريخ، أن ذرية إبراهيم عليه السلام ونسله من إسماعيل الذين وصفهم الله عز وجل بالكثرة والازدياد، إنما هم ذرية خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله من ابنته فاطمة عليها السلام، وقد قال عز من قائل: مخاطبا له صلى الله عليه وآله " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " (1) ردا على من عابه صلى الله عليه وآله، بعد موت ابنه، بأنه أبتر لا عقب له يقوم مقامه بعده، فإذا مات انقطع أمره وذكره، واسترحنا منه، وأخبارا وبشارة له صلى الله عليه وآله بكثرة نسله وذريته من عبده، وعدم انقطاع أمره وذكره وقد كثر اليوم نسله وذريته في البلاد كثرة لا تحصى، وانتشر دينه ورفع ذكره صلى الله عليه وآله مع أن أعدائه ومخالفيه سعوا في إطفاء نوره، وانقطاع نسله و ذريته من بعده إبقاء لأمرهم وملكهم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كر الكافرون، فصار الأمر على خلاف مقصودهم، وانقطع أمرهم، ولم يبق منهم اسم ورسم وذكر. الثالث إنه سبحانه بعد أن بشر هاجر عليها السلام بكثرة النسل والذرية، وأنها ستلد ابنا، وصف ذلك الابن بصفات لم تنطبق على إسماعيل عليه السلام، ولا على أولاده ونسله إلا على محمد صلى الله عليه وآله.
بيانه: إن كل واحدة من تلك الصفات لا بد أن يكون فضيلة وكمالا