لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٤٣
إنجيل متى صريحة في أن روح القدس كان نازلا على الحواريين حين إرسال عيسى عليه السلام إياهم إلى بلاد إسرائيل، (1) فلو كان المراد من الفارقليط ما ادعاه النصارى، لم يكن وجه لقول عيسى عليه السلام:
لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط. الخامس أن عيسى عليه السلام صرح بأن الفارقليط إذا جاء يوبخ العالم على الخطأ، الخ. فلو كان المراد منه الروح القدس، يلزم عدم صدق هذا الإخبار، لأن الروح لم ينزل على غير الحواريين، فلم يكن بينه وبين غيرهم من أهل العالم ربط حتى يوبخهم ويلومهم على خطاياهم، ولم يعهد هذا التوبيخ من الحواريين أيضا، لأنهم بمقتضى كتب العهد الجديد كان دأبهم الوعظ والترغيب، لا التوبيخ والترهيب، فلا بد للنصارى إن كانوا مؤمنين بعيسى عليه السلام أن يصدقوا نبوة محمد صلى الله عليه وآله، فإنه هو الذي وبخ الكفار والمشركين، وبالغ في تسفيههم وتشنيعهم، وذم أهل الكتاب من اليهود والنصارى على غلوهم في دينهم، وذهابهم إلى غير الحق من التثليث والتجسيم وغيرهما، وأنكر عليهم أشد الإنكار (1)، ودعا جميع هؤلاء الفرق إلى توحيد الله عز وجل وعبادته، وألزمهم على الصدق، والعدل والإنصاف.
____________________
1 - ففي كتاب المقدس، إنجيل متى، إصحاح 10، ص 12. ورد هكذا: (5) هؤلاء الاثني عشر أرسلهم يسوع، وأمرهم قائلا: لا تسلكوا لطريق الأمم، ولا تدخلوا إلى مدن السامريين (6) ولكن انطلقوا خاصة إلى الخراف التي هلكت من بيت إسرائيل (11) فأية مدينة أو قرية دخلتموها افحصوا عمن يستحق فيها... (19) وإذا أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تقولون، فإنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به (20) لأن لستم أنتم المتكلمين، لكن روح أبيكم الذي يتكلم فيكم.
1 - قال عز من قائل: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد. " سورة النساء، آية 171 ".
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»