لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٣٣
لذلك الابن بمقتضى المن والبشارة. وبعد ذا نقول: أما الأولى منها وهي كونه وحشيا (1) فالمراد منه أنه لاستغراقه في محبة الله، وكمال توجهه إليه سبحانه، منقطع عن الخلق، معرض عما سواه تعالى، وهو عبارة أخرى عن كونه حبيب الله، الذي لقب الله عز وجل به نبينا محمد صلى الله عليه وآله. وأما الثانية وهي أن يده ضد الجميع، ويد الجميع ضده، فهي أيضا من أوصاف نبينا صلى الله عليه وآله، فإنه جاهد في الله حق جهاده، مع الكفار، والمشركين، والمنافقين، من زمن بعثته إلى يوم ارتحاله، ومخالفوه مجتمعون على تكذيبه، وإيذائه، وقتله، وأما إسماعيل عليه السلام وساير أولاده فلم يعهد عنهم هذا المعنى. وأما الثالثة وهي أنه في قبالة جميع إخوته ينصب المضارب، فهي أيضا من خصائص محمد صلى الله عليه وآله، حيث إنه نصب مضارب التوحيد، والنبوة، والشريعة، والمجد والعظمة، في مقابل بني أعمامه، وهم بنو إسرائيل (2) ودعاهم إلى دينه وشريعته، وأوجب عليهم طاعته، بعد أن كانت لهم السيادة والنبوة بعد يعقوب بن إسحاق عليهما السلام.
وقد دعا يعقوب عليه السلام بنيه قبل موته ليخبرهم بما يصيبهم في آخر الأيام، فكان من جملة ما أنبأهم به قوله: " فلا يزول القضيب من
____________________
1 - الوحشي واحد الوحش: كل شئ يستوحش عن الناس، كان الياء للتأكيد، " أقرب الموارد ".
2 - إطلاق الإخوة على بني الأعمام، وغيرهم من الأقارب، في التوراة كثير، ففي الكتاب المقدس، سفر تثنية الاشتراع، إصحاح 2، ص 63 ورد هكذا: (4) ثم أوص الشعب، وقل لهم: إنكم ستجوزن في تخوم إخوتكم بني عيسو الذين في ساعير...
فلما جزنا إخوتنا بني عيسو الذين يسكنون ساعير الخ. فقد أطلق الاأوة على بني يسو مع أنهم كانوا بني أعمام لموسى عليه السلام وساير بني إسرائيل، فإن عيسو كان أخا ليعقوب عليه السلام، إلى غير ذلك من الموارد.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»