لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ٣٥
يقيمه لك الرب إلهك فاسمع منه (16) كما سألت الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع حين قلت: لا أعود أسمع صوت الرب إلهي، ولا أرى هذه النار العظيمة أيضا، لكيلا أموت (17) فقال الرب لي: نعم جميع ما قالوا (18) وسوف أقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم، وأجمل كلامي في فمه، ويكلمهم بكل شئ آمره به (19) ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك.
ومفاده: أن موسى عليه السلام قال لبني إسرائيل: إن الله تعالى يبعث من بين إخوتكم نبيا يكون مثلي، فاسمعوا قوله وأطيعوه، وقد استجاب عز وجل دعوتكم ومسألتكم يوم اجتماعكم في حوريب، إذ قلتم له سبحانه:
لا طاقة لنا بعد اليوم أن نسمع صوت الرب، ونشاهد البرق والصاعقة، كما كنا نسمع ونشاهد حين نزول الوحي على موسى عليه السلام، فلو كان نزول الوحي على النبي الموعود بهذه المثابة إذا نهلك ونموت، فقال الله عز وجل لي: قد أجبت مسئلتهم، وسأبعث من بين إخوتهم نبيا يكون مثلك، ولا يكون نزول الوحي عليه كنزول الوحي عليك، بل أجعل كلامي ووحيي في فمه، فيكلمهم بكل ما أمرته به، ومن لم يطعه فأنا المنتقم منه.
دلت هذه العبارات أولا على أن النبي الموعود لا يكون من بني إسرائيل بل يكون من إخوتهم (2)، وثانيا أنه لا يكون أقل مرتبة من موسى عليه السلام، وثالثا أنه صاحب شرع جديد كموسى عليه السلام، وهذه العلامات والصفات لم تصدق على أحد من الأنبياء الذين جاؤوا بعد موسى عليه السلام، غير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، لأنهم عليهم السلام كانوا جميعا
____________________
1 - كتاب المقدس، سفر تثنية الاشتراع، إصحاح 18، ص 234.
2 - راجع ما ذكرناه في صفحة 33.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»