صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ١٧
القرآن كقوله تعالى: (ليس كمثله شئ) وبالتالي فالله منزه عن الجسمية وعن كل ما يمت إلى التجسيم بصلة، وإليك ما أفاده علماء المعتزلة في الصفات.
يرى مؤسس مذهب الاعتزال أن صفات الله تعالى عين ذاته، ودليله على ذلك أن إثبات صفة إلى جانب الذات إنما يعني إثبات إلهين وقال: إن القدرة والعلم من الصفات القديمة للذات (1).
ويرى النظام في هذا المعنى: إن صفات الله الأزلية من علم وقدرة وحياة هي إثبات للذات الإلهية ونفي لأضداد هذه الصفات عن الذات، فمعنى قولي: عالم، إثبات ذاته ونفي الجهل عنه، وقولي: قادر، إثبات ذاته ونفي العجز عنه، ومعنى قولي: حي، إثبات ذاته ونفي الموت عنه، فاختلاف العلم عن القدرة عن الحياة إنما يرجع لاختلاف ما ينفى عنه سبحانه من جهل أو عجز أو موت (2).
ويرى العلاف أن الصفات عين الذات ويفصل ذلك بالنحو التالي: الله تعالى عالم بعلم هو هو، قادر بقدرة هي هو، فإذا قلت: إن الله عالم أثبت له علما هو الله ونفيت عنه جهلا، وإذا قلت: قادر نفيت عنه عجزا وأثبت له قدرة (3).
ويرى بعض المؤلفين أنهم إنما ذهبوا إلى القول بأن صفات الله عين ذاته لأجل أن يردوا على النصارى لأنهم ذهبوا إلى قدم الأقنوم وشرحوا ذلك بقولهم: إن الذات الإلهية جوهر يتقوم بأقانيم ثلاثة (أي بصفات ثلاث) هي: الوجود، والعلم، والحياة، ولكن النصارى اعتقادهم بذلك أدى بهم إلى القول باستقلال الأقانيم عن الجوهر، وإلى اعتبار الصفات أشخاصا، وإلى تجسد الأقنوم الثاني أقنوم العلم في الابن، فلمواجهة هذا الاعتقاد نفى المعتزلة وصف الله بأنه جوهر واعتبروا الصفات هي الذات (4).

(1) في علم الكلام، ج 1 ص 184.
(2) مقالات الإسلاميين، ج 1 ص 227.
(3) الفرق بين الفرق للبغدادي، ص 122 - 132.
(4) في علم الكلام ص 123 و ص 192.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست