الكريمة (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، وقوله (صلى الله عليه وآله) إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وما لا يحصى من الوصايا من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهما وفي أبيهما وإذا بمعاوية يجاهر ويعلن على مرأى ومسمع من المسلمين إنه نكث وإنه وضع الشروط والعهود تحت قدميه ناسيا إن من أحب الحسن والحسين عليهما السلام فقد أحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحب الله ومن أبغضهما وآذاهما فقد أبغض الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وآذاهما. وهذا معاوية لم يكتف بغصب حقهما ونكث عهوده في عدم التعرض لعلي عليه السلام ولكنه وضع البدعة التي عممها في كل أقطار الإسلام بسب علي عليه السلام على المنابر في جميع الخطب وبعد كل صلاة ولعنه والبراءة منه ومن كل من شك فيه حبا لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن عهوده إنه لا يتعرض للمسلمين باسم علي عليه السلام ولا يمسهم بسوء ولكنه عمم قتلهم وتعذيبهم والمثلة بهم وحتى النساء والأطفال لم ينجوا منه وقد ملأ بهن السجون كما عهد معاوية للحسن عليه السلام أن لا يعهد بالخلافة إلى أحد بعده وكتب معاوية للحسن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني ووفيت لك بما عهدت وأجريت لك ما شرطت وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس:
وإن أحد أسدى إليك أمانة * فأوف بها تدعى إذا مت وافيا ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى * ولا تجفه إن كان في المال فانيا ثم الخلافة لك بعدي فأنت أولى الناس بها ووافق الحسن عليه السلام وتصالح بالكتاب الذي ذكره ابن أبي الحديد أدناه:
بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما صالح عليه الحسن بن علي عليهما السلام معاوية بن أبي سفيان، صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين، على أن يعمل فيها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الأمر من بعده