شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤١٦
والله رقت الأجناد وذهبت الرجال، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل إلا فضل لا يستذل به عزيز ولا يسترق به حر والسلام.
كتاب معاوية لمروان فإذا قرأت كتابي هذا فكن كالفهد، لا يصطاد إلا غيلة ولا يناشز إلا عن حيلة، وكالثعلب لا يعلن إلا روغانا، وأخف نفسك منهم إخفاء القنفذ رأسه عند لمس الأكف، وامتهن نفسك (احتقرها وابتذلها) امتهان من ييأس القوم من نصره وانتصاره، وابحث عن أمورهم بحث الدجاجة عن حبة الدخن عند فقاسها، وانفل الحجاز (انفل يعني أفسد) فإني منفل الشام والسلام.
ترى كيف يبذل الجهود للفتن وإقامة المفاسد على علي عليه السلام في الحجاز مرة وفي البصرة والكوفة أخرى بتحريض الزبير وطلحة على علي عليه السلام وتحريض مروان عليهم جميعا وهو دائب في الشام على تحريك الناس والمطالبة بدم عثمان مرة وأخرى بشراء الضمائر ولم شعث فلول المنافقين والفجرة من آل أمية وآل بني معيط وطلحة والزبير والمغيرة وعمرو بن العاص وزياد بن أبيه وشرحبيل وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وأضرابهم.
ولم يأل معاوية أن يماطل أمير المؤمنين عليا عليه السلام وهو يحتفظ بمقامه في الشام ويبعث وفوده في الشرق والغرب لإقامة الفتن من جهة ويرسل الفلول من جيشه لضرب المسلمين في الحجاز وأخذ البيعة منهم له والغارات المكررة على أطراف العراق وإرسال أفراد مغفلين ليجادلوا عليا عليه السلام والصحابة في قتل عثمان وطلب الثأر بتسليم قتلة عثمان وهو يعلم أن الذين قتلوه وأفتوا بعزله ثم قتله فإنما هم قاطبة المسلمين وعلى رأسهم الصحابة بما فيهم البدريون والأحديون وأهل بيعة العقبة وبيعة الرضوان. وغيرهم وهاهو يرسل أبا هريرة وأبا الدرداء ليحاجا عليا عليه السلام أن يعيدها شورى متجاهلا عن إجماع الأمة على البيعة حتى
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»