اعترافه بالسيئة وتوبته ووعوده ثم نكثه وعوده وغدره ونكاله عادوا يطلبون اعتزاله فأغواه بنو أمية وفي مقدمتهم معاوية الطالب قتله ليتخذه ذريعة لمطامعه يؤمله بالوصل ويحرضه على الاستمرار ويهيب بالمسلمين للإسراع في قطع دابره حتى إذا انتهت بقتله رفع ثوبه الملطخ بالدم وشعرا باسم شعر لحيته مناديا يا لثارات عثمان لقد قتل خليفتكم مظلوما وهو رأس ذلك الظلم والجور ثم بعث إلى قاتليه طلحة والزبير يبايعهم ويحرضهم على خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنصوص من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم والذي أجمعت عليه الأمة من بدريها وأحديها وبيعة الرضوان وخيار الصحابة وأئمة الإسلام وأقطابهم فبث معاوية هذا الفساد مثيرا طلحة والزبير على علي عليه السلام بعد أن بايعاه فأقاما حرب الجمل وبذا قضا عليهم وقتل عشرات الآلاف من المسلمين وهو خلالها يعد العدة ويقوي أواصره ويشد أثقاله ويجمع أعوانه فيغري السفهاء ويخدع الغافلين ويرشي أهل المطامع ويخوف ويهدد الضعفاء والمساكين ويصرح إنما هو يتبع بذلك سيرة الشيخين ويقتدي بهداهم.
ولا يخفى على أحد أنهما هما اللذان هيئا له هذه الفرصة، وأبلغاه إلى أهدافه هذه.
هذا ابن هند يستحل * دماء من زكى وبر ويقر فيها المنكرات * كما هوى وكما نظر ولما يتوصل أبو سفيان في عهد الجاهلية ليكون قطبا من أقطاب المشركين ومن زعماء قريش المناوئين ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدعوة الإسلامية هو وبنوه سوى شدة تعصبهم لأمور الجاهلية والكفر ومدى نفاقهم ومكرهم ومداهناتهم حتى إذا زالت دولة الشرك ودخلوا الإسلام كرها عاد هو وبنيه وخرجوا منه طوعا والعقيدة الإسلامية وإعلانها لم تتجاوز صفحات لسانهم ولما تبلغ قلوبهم دلت على ذلك أفعالهم ومحاربتهم لخيار الأمة ومتابعة القضاء عليهم