شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤٠٩
سائقهما ليس الدين وإنما هي الدنيا وهو يعرف إن عليا عليه السلام لا يحيد عن العدل قيد شعرة وإن معاوية ليس له مطمع معه في الدنيا وإن طلحة والزبير لهما نفس الغاية وإنهم المتخاصمون بالأمس والمتهالكون على الجاه والمال وقد حرموا منه جميعا بتسنم علي عليه السلام كرسي الخلافة وإعلانه تلك الكلمة التي أنذر بها كلا منهم بإعادة ما سلب من مال المسلمين إلى بيت المال وعندها سوف يتجرد معاوية وكل بنو أمية ومثلهم طلحة والزبير من جميع تلك الأملاك والكنوز من الذهب والفضة التي كنزوها دون بقية أفراد المسلمين سيان منهم الصحابة أو غير الصحابة تلك التي مر ذكر قسم منها هذا إلى أن مستقبلهم أصبح قاتما فهم كبقية أفراد المسلمين أمام رجل العدالة والعلم والتقوى الذي سيقيمهم على القسط وهم لا يقبلون ذلك وكل منهم يريد حصة الأسد من الغنيمة من أموال المسلمين كما كان دأبهم في زمن عثمان وكما فضلهم عمر وأبو بكر على غيرهم، وهاهما تربصا الفرص وكلما عليا عليه السلام بإعطائهما حصصا من الولاية بيد أن عليا عليه السلام ليس من أولئك الذين يخادعون الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ويقدمون كعثمان وغيره أموال المسلمين لغير أهلها ويفرقونها بغير ما نزل في الكتاب وجاء في السنة بأهوائهم.
ومن العجب وكان معاوية إذ يخاطب الزبير بأمرة المؤمنين ويخاطب فيها طلحة وهو طليق ابن طليق كيف أقر لنفسه هذا الحق وخول لها أن يقدم الشام وأهلها دون مراعاة ما أجمع عليه المسلمون وهو يعلم أن طلحة والزبير قد بايعا عليا عليه السلام، وأما طلحة والزبير ما أسرع أن نكثا البيعة وهما أعلم من غيرهما بمقام علي عليه السلام وحقه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخلافته على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم نصا وسنة وإجماعا وعقلا وعدالة بما تجمعت فيه كل المؤهلات والامتيازات العلمية والوجدانية والشرعية والنصوص والوصايا.
وهذا الزبير الذي خاصم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وعمر من أجل الخلافة لعلي عليه السلام كيف اليوم انقلب عليه. وترى اتكاء القوم جميعا
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»