شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤٠٣
بهديه اهتدينا وبفضله اقتدينا، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب عليه السلام وسلمنا إليه ولكن رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله فعب أباك بما بدا لك أو دع ".
تلك كلمة صريحة من معاوية بدأ بها من مؤسس الانقلاب حسب الآية الشريفة في قوله تعالى:
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسول أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...) الخ.
ومعاوية إذ يخاطب الرجل الصالح والتقي الناصح محمد بن أبي بكر ابن الخليفة الأول الذي جاء يرشد معاوية ويعدله عن غوايته ويردعه عن جنايته وإذا بمعاوية ينطق بهذه الواقعية التي سار بها متبعا خطى أبي بكر وعمر وهو يصرح بأن الحق لعلي عليه السلام ويعترف أن أبا بكر وعمر هما أول من غصب وأول من أسس أساس الظلم ولا ينفي عن نفسه التهمة بأكثر من أنه اتبع أثرهما واهتدى بهديهما وهنا نافق معاوية حينما قال مخاطبا محمد بن أبي بكر إذ قال له فعب أباك بما بدا لك.
وإن محمد بن أبي بكر حينما يتقدم إلى معاوية لائما ومرشدا وناهيا ورادعا لا يخفى عليه ما فاه به معاوية إن أبا بكر وعمر هما اللذان سنا وأسسا وأثبتا ملك بني أمية بادئين بعثمان ومؤيديه بمعاوية وأبي سفيان وأعوانه أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وأضرابهم والكناية أبلغ من التصريح ومعاوية إنما أراد أن يشتم محمد بن أبي بكر في كتابه بما لا يعزب عنهما من تلك المظالم وكان معاوية يريد أن يقول " اقتلوني ومالك " فهو يشهد لنفسه بالظلم والإجحاف ولأولياء أمره من الخليفة الأول والثاني لمحض أن يشتم في جوابه ابن أبي بكر بما هو أبلغ من التصريح.
ومعاوية غني عن البيان بسابقته كما مر وهو الطليق اللعين ابن الطليق اللعين المنافق ابن المنافق مما لا تخفى حقائقه ولا يهمه أن يوصم أبا بكر وعمر في حقائق لمحض أن يموه على البسطاء والسفهاء سبيله وعلى العقلاء قياسه، وإذا تتبعنا التاريخ والوقائع
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»