شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤١١
وفارس المسلمين، وأنت الباذل في الله مهجته بمكة عند صيحة الشيطان، بعثك المنبعث، فخرجت كالثعبان المنسلخ بالسيف المنصلت، تخبط خبط الجمل الرديع، كل ذلك قوة إيمان وصدق يقين، وسبقت لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) البشارة بالجنة، وجعلك عمر أحد المستخلفين على الأمة. واعلم يا أبا عبد الله: إن الرعية أصبحت كالغنم المتفرقة لغيبة الراعي، فسارع رحمك الله إلى حقن الدماء، ولم الشعث، وجمع الكلمة وصلاح ذات البين، قبل تفاقم الأمر، وانتشار الأمة، فقد أصبح الناس على شفا جرف هار، عما قليل ينهار إن لم يرأبه فشمر لتأليف الأمة وابتغ إلى ربك سبيلا، فقد أحكمت الأمر من قبلي لك ولصاحبك على أن الأمر للمقدم ثم لصاحبه من بعده، جعلك الله من أئمة الهدى، وبغاة الخير والتقوى، والسلام.
ترى النفاق وترى الخديعة وترى الكفر والفجور بعد إجماع الأمة على خير من ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن نص عليه الله تعالى في كتابه في آية الولاية المطهر أبو الأئمة من لا يحمل من القوم لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا طلحة ولا الزبير ولا أي فرد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منقبة ولا كرامة ولا فضيلة من فضائله وبعد إجماع الأمة وإذا بهذا الطليق يدلي للزبير بأن الأمة أصبحت كالغنم بدون راع ولا أشك إلا أنه هو وحده وجماعته الذين شايعوه ونصروه من تلك الأغنام وهذا الزبير تأخذه النخوة بل يثيره الشيطان ويحيده عن جادة الصواب وينسى كل فضيلة تردعه عن نكث البيعة وإقامة الفتنة حتى ذهب هو وصاحبه طلحة بعد إقامة المجازر ضحية تافهة فقد بها وخسر دنياه وآخرته وما هو معاوية إلا كافر ولا يزال مشرك منافق يسيره الشيطان كيفما شاء وأنى شاء.
وكتب معاوية لطلحة:
أما بعد فإنك أقل قريش في قريش وترا مع صباحة وجهك، وسماحة كفك، وفصاحة لسانك، فأنت بإزاء من تقدمك في السابقة، وخامس المبشرين بالجنة،
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»