تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٩٠
كانت من الابن] بالاستغفار للأب في قوله: * (لأستغفرن لك) *. والأولى أن تكون الموعدة هي من الأب بالايمان للابن، لأنا إن حملناه على الوجه الثاني كانت المسألة قائمة. ولقائل أن يقول: ولم أراد أن يعده بالاستغفار وهو كافر؟
وعند ذلك لا بد [من] أن يقال: إنه أظهر له الايمان حتى ظنه به، فيعود إلى معنى الجواب الأول.
فإن قيل: فما تنكرون من ذلك، ولعل الوعد كان من الابن للأب بالاستغفار، وإنما وعده لأنه أظهر له الايمان؟
قلنا: ظاهر الآية (1) يمنع من ذلك، لأنه تعالى قال: * (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) * فعلل حسن الاستغفار بالموعدة، ولا يكون الموعدة مؤثرة في حسن الاستغفار إلا بأن يكون من الأب للابن بالإيمان، لأنها إذا كانت من الابن لم يحسن لها الاستغفار، لأنه [إن] قيل: إنما وعده الاستغفار لإظهاره له الايمان، فالمؤثر في حسن الاستغفار هو إظهار الايمان لا الموعدة.
فإن قيل: أفليس إسقاط عقاب الكفر والغفران لمرتكبه كان جائزا (2) من طريق العقل (3)، وإنما منع منه السمع، وإلا جاز أن يكون إبراهيم (عليه السلام) إنما استغفر لأبيه لأن السمع لم يقطع له على عقاب الكفار، وكان باقيا على حكم العقل، وليس يمكن أن يدعي أن ما في شرعنا من القطع على عقاب الكفار كان في شرعه لأن هذا لا سبيل إليه؟

(١) في " م، ش ": القرآن.
(2) في " ش - خ -، ع ": كانا جائزين.
(3) في " م ": العقول.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»