تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٨٩
إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) * (1) فأمر بالتأسي [والاقتداء] به، إلا في هذا الفعل.
وهذا يقتضي انه قبيح.
قلنا: ليس يجب ما ذكر في السؤال، بل وجه استثناء [استغفار] إبراهيم (عليه السلام) لأبيه من جملة ما أمر الله تعالى بالتأسي به فيه، لأنه لو أطلق الكلام لأوهم الأمر بالتأسي به في ظاهر الاستغفار من غير علم بوجهه، والموعدة السابقة من أبيه له بالايمان، وأدى ذلك إلى حسن الاستغفار للكفار. فاستثناء الاستغفار من جملة الكلام لهذا الوجه، ولأنه لم يكن ما أظهره أبوه (2) من الايمان ووعده به معلوما لكل أحد، فيزول الإشكال في أنه استغفر لكافر مصر على كفره.
ويمكن أيضا أن يكون قوله تعالى: * (إلا قول إبراهيم لأبيه) * استثناء من غير التأسي، بل من الجملة الثانية التي تعقبها هذا القول بلا فصل، وهو (3) قوله:
* (إذ قالوا لقومهم إنا براءوا منكم) * إلى قوله تعالى: * (وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا) * (4)، لأنه لما كان استغفار إبراهيم (عليه السلام) لأبيه مخالفا لما تضمنته هذه الجملة، وجب استثناءه. وإلا توهم بظاهر الكلام أنه عامل أباه من العداوة والبراءة بما عامل به غيره [من الناس].
فأما قوله تعالى: * (إلا عن موعدة وعدها إياه) * (5) [أباه] فقد قيل: إن الموعدة إنما كانت من الأب بالايمان للابن، [وهو الذي قدمناه، وقيل: إنها

(١) سورة الممتحنة: ٤.
(٢) في " م ": ما أظهره (عليه السلام) لأبيه.
(٣) كذا في " ش - خ - "، وفي النسخ: وهي.
(٤) سورة الممتحنة: ٤.
(٥) سورة التوبة: ١١٤.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»