الدعاء مستجابا، وبينوا ان العدول عن (1) ظاهره المقتضي للعموم إلى الخصوص بالدلالة واجب. وهذا الجواب صحيح.
ويمكن في الآية وجه آخر: وهو أن يريد بقوله: * (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * أي افعل بي وبهم من الألطاف ما يباعدنا من عبادة الأصنام، ويصرف دواعينا عنها.
وقد يقال فيمن حذر من الشئ، ورغب في تركه، وقويت صوارفه عن فعله: إنه قد جنبه. ألا ترى ان الوالد قد يقول لولده إذا كان قد حذره من بعض الأفعال وبين له قبحه وما فيه من الضرر، وزين له تركه وكشف له عما فيه من النفع: إنني قد جنبتك كذا وكذا ومنعتك منه. وإنما يريد ما ذكرناه.
وليس لأحد أن يقول: كيف يدعو إبراهيم (عليه السلام) بذلك وهو يعلم أن الله تعالى لا بد أن يفعل هذا اللطف المقوي لدواعي الايمان، لأن هذا السؤال أولا يتوجه على الجوابين جميعا، لأنه تعالى لا بد أن يفعل [هذا للطف الذي يقع الطاعة عنده لا محالة، كما لا بد أن يفعل] ما يقوي الدواعي (2) إلى الطاعات.
والجواب عن هذه الشبهة: ان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يمتنع أن يدعو بما يعلم أن الله تعالى سيفعله على كل حال، على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والتذلل [له] والتعبد. فأما قوله: * (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) * فالشبهة تقل فيه، لأن ظاهر الكلام يقتضي الخصوص، وفي ذريته الكثير ممن