تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٨٦
الذهاب فتفهم عنه، ويجوز أن يسمى ذلك دعاء، إما على الحقيقة أو على المجاز.
وقد قال أبو جعفر الطبري (1): إن ذلك ليس بأمر ولا دعاء، ولكنه عبارة عن تكوين الشئ ووجوده، كما قال تعالى في الذين مسخهم: * (كونوا قردة خاسئين) * (2) وإنما خبر عن تكوينهم كذلك من غير أمر ولا دعاء، فيكون المعنى على هذا التأويل. ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا، فإن الله تعالى يؤلف تلك الأجزاء ويعيد الحياة فيها، فيأتيك سعيا، وهذا وجه قريب.
فإن قيل على [هذا] الوجه الأول: كيف يصح أن يدعوها وهي أحياء؟
وظاهر الآية يشهد بخلاف ذلك، لأنه تعالى [لما] قال: * (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) *. وقال عقيب هذا الكلام من غير فصل: * (ثم ادعهن يأتينك سعيا) *. فدل ذلك [على] أن الدعاء توجه إليهن وهن أجزاء متفرقة.
قلنا: ليس الأمر على ما ذكر في السؤال، لأن قوله تعالى: * (ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا) * لا بد من تقدير محذوف بعده، وهو: " فإن الله يؤلفهن ويحييهن ثم ادعهن يأتينك سعيا ". ولا بد لمن حمل الدعاء لهن في حال التفرق وانتفاء الحياة من تقدير محذوف في الكلام (3)، لأنا نعلم أن تلك الأجزاء أو الأعضاء لا تأتي عقيب الدعاء بلا فصل، ولا بد من أن يقدر في الكلام عقيب قوله: * (ثم ادعهن) *، فإن الله تعالى يؤلفهن ويحييهن فيأتيك سعيا.

(١) تفسير الطبري: ٣ / ٤٠.
(٢) سورة البقرة: ٦٥، سورة الأعراف: 166.
(3) زاد في " ع ": عقيب قوله: " ثم ادعهن ".
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»