تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ٨٥
وقال الآخر:
يقولون إن الشأم يقتل أهله * فمن لي إن لم آته بخلود؟
تغرب آبائي فهلا صراهم * من الموت إن لم يذهبوا وجدودي [من الطويل] أراد: قطعهم، والأصل: صرى يصري صريا، من قولهم: يأت يصري في حوضه، إذا استسقى ثم قطع، والأصل: صرى، فقدمت اللام وأخرت العين.
هذا قول الكوفيين، وأما البصريون فإنهم يقولون: ان صار يصير، ويصور بمعنى واحد، أي قطع. ويستشهدون بالأبيات التي تقدمت، وبقول الخنساء: " لظلت الشم منها وهي تنصار " (1).
وعلى هذا الوجه لا بد في الكلام من تقديم وتأخير، ويكون التقدير:
فخذ أربعة من الطير [إليك] فصرهن، أي: قطعهن. فإليك من صلة خذلان التقطيع لا يعدى بإلى.
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: * (ثم ادعهن يأتينك سعيا) *؟ وهل أمره بدعائهن وهن أحياء أو أموات؟ وعلى كل حال فدعاؤهن قبيح، لأن أمر البهائم التي لا تعقل ولا تفهم قبيح. وكذلك أمرهن وهن أعضاء متفرقة أظهر في القبح.
قلنا: لم يرد ذلك إلا حال الحياة دون [حال] التفرق والتمزق. فأراد بالدعاء الإشارة إلى تلك الطيور، فإن الإنسان قد يشير إلى البهيمة بالمجئ أو

(١) ذكره في لسان العرب: ٤ / 474 - صور - بهذا اللفظ: لظلت الشهب وهي تنصار.
ويعني بالشم: الجبال أنها تتصدع وتتفرق.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»