تنزيه الأنبياء والأئمة (ع) - فارس حسون كريم - الصفحة ١٠٠
دون الأعراض التي هي فعلنا. لأن القائل إذا قال: أعجبني ما تأكل وما تشرب وما تلبس، لم يجز حمله إلا على المأكول والمشروب والملبوس دون الأكل والشرب واللبس. فصح ان لفظة (ما) فيما (1) ذكرناه أشبه بأن تكون حقيقة، وفيما ذكروه أشبه بأن تكون مجازا، ولو لم يثبت فيها إلا انها مشتركة بين الأمرين، وحقيقة فيهما، لكان كافيا في إخراج الظاهر من أيديهم، وإبطال ما تعلقوا به. وليس لهم أن يقولوا [أن] كل موضع استعملت فيه لفظة (ما) مع الفعل، وأريد بها المفعول فيه، إنما علم بدليل، والظاهر بخلافه. وذلك أنه لا فرق بينهم في هذه الدعوى وبين من عكسها، فادعى أن لفظة (ما) إذا استعملت مع الفعل وأريد بها المصدر دون المفعول فيه كانت محمولة على ذلك بالدليل، وعلى سبيل المجاز. والظاهر بخلافه، على أن التعليل وتعلق الكلام الثاني بالأول على ما بيناه أيضا ظاهر، فيجب أن يكون مراعى.
وقد بينا [أيضا] انه متى حمل الكلام على ما ظنوه لم يكن الثاني متعلقا بالأول ولا تعليلا فيه، والظاهر يقتضي ذلك. فقد صار فيما ادعوه عدول عن الظاهر الذي ذكرناه [في معنى الآية]، ولو سلم ما ادعوه من الظاهر في معنى اللفظة معه لتعارضتا، فكيف وقد بينا أنه غير سليم ولا صحيح؟
وبعد: فإن قوله: * (وما تعملون) * لا يستقل بالفائدة بنفسه، ولا بد من أن يقدر محذوفا يرجع إلى (ما) التي [هي] بمعنى (الذي)، وليس لهم أن يقدروا الهاء ليسلم ما ادعوه بأولى منا إذا قدرنا لفظه فيه، لأن كلا الأمرين محذوف، وليس تقدير أحدهما بأولى من الآخر، إلا بدليل.

(1) في " م، ش ": ان اللفظ فيما.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»