وبدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن (عليه السلام) الأمر إلى معاوية، فكيف يجمع بين فعليهما بالصحة؟
الجواب: قلنا: قد علمنا أن الإمام متى غلب على (1) ظنه أنه يصل إلى حقه والقيام بما فوض إلى بضرب من الفعل، وجب عليه ذلك وإن كان فيه ضرب من المشقة يتحمل مثلها تحملها، وسيدنا أبو عبد الله (عليه السلام) لم يسر إلى الكوفة (2) إلا توثق من القوم وعهود وعقود، وبعد أن كاتبوه (عليه السلام) طائعين غير مكرهين ومبتدئين غير مجيبين.
وقد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرائها، تقدمت إليه (عليه السلام) في أيام معاوية وبعد الصلح الواقع بينه وبين الحسن (عليه السلام) ومعاوية باق فوعدهم ومناهم، وكانت أيام معاوية صعبة (3) لا يطمع في مثلها.
فلما مضى معاوية وأعادوا المكاتبة، وبذلوا الطاعة، وكرروا الطلب والرغبة، ورأى (عليه السلام) من قوتهم على من كان يليهم في الحال من قبل يزيد، وتشحنهم عليه وضعفه عنهم، ما قوى في ظنه أن المسير هو الواجب، تعين عليه ما فعله من الاجتهاد (4) والتسبب، ولم يكن في حسابه أن (5) القوم يغدر بعضهم، ويضعف أهل الحق عن نصرته ويتفق ما اتفق من الأمور الغريبة.
فإن مسلم بن عقيل رحمة الله عليه لما دخل الكوفة (6) أخذ البيعة على