فعلت إلا حقن الدماء (1)، فارضوا بقضاء الله تعالى، وسلموا لأمره، والزموا بيوتكم وأمسكوا ". أو قال: " كفوا أيديكم حتى يستريح برأ أو يستراح من فاجر " (2). وهذا كلام منه (عليه السلام) يشفي الصدور ويذهب بكل شبهة [في هذا الباب].
وقد روي أنه (عليه السلام) لما طالبه معاوية بأن يتكلم على الناس، ويعلمهم ما عنده في هذا الباب، قام (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور. أيها الناس، إنكم لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس (3) رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما وجدتموه غيري، وغير أخي الحسين (عليه السلام)، وإن الله قد هداكم بأولنا محمد (صلى الله عليه وآله)، وان معاوية نازعني حقا هو لي [دونه] فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت أن أسالمه، ورأيت أن ما حقن الدماء خير مما سفكها، وأردت صلاحكم وأن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر، * (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) * (4). (5) وكلامه (عليه السلام) في هذا الباب الذي يصرح في جميعه بأنه مغلوب مقهور ملجأ إلى التسليم، دافع بالمسالمة الضرر العظيم عن الدين والمسلمين أشهر من الشمس، وأجلى من الصبح.