[من الكامل] فلما رأى (عليه السلام) إقدام القوم عليه، وان الدين منبوذ وراء ظهورهم، وعلم أنه إن دخل تحت حكم ابن زياد تعجل الذل [والصغار] (1) وآل أمره من بعد إلى القتل [الدني]، التجأ إلى المحاربة والمدافعة بنفسه وأهله ومن صبر من شيعته، ووهب دمه [له]، ووقاه بنفسه، وكان بين إحدى الحسنيين: إما الظفر فربما ظفر الضعيف القليل، أو الشهادة والميتة الكريمة.
وأما مخالفة ظنه (صلى الله عليه وآله) لظن جميع من أشار عليه (2) من النصحاء كابن عباس وغيره، فالظنون إنما تغلب بحسب الأمارات، وقد تقوى عند واحد وتضعف عند آخر، ولعل ابن عباس لم يقف على ما كوتب به (عليه السلام) من الكوفة، وما تردد في ذلك من المكاتبات والمراسلات والعهود والمواثيق.
وهذه أمور تختلف أحوال الناس فيها ولا يمكن الإشارة [إلا] إلى جملتها دون تفصيلها.
فأما السبب في أنه (عليه السلام) لم يعد بعد قتل مسلم بن عقيل، فقد بيناه (3) وذكرنا أن الرواية وردت بأنه (عليه السلام) هم بذلك، فمنع منه وحيل بينه وبينه.
فأما محاربة [النفر] الكثير بالنفر القليل، فقد بينا أن الضرورة دعت إليها، وان الدين والحزم [معا] ما اقتضيا في تلك الحال إلا ما فعله، ولم يبذل ابن زياد من الأمان ما يوثق بمثله، وإنما أراد إذلاله والغض من قدره بالنزول تحت حكمه، ثم يفضي الأمر بعد الذل إلى ما جرى من إتلاف النفس. ولو أراد به (عليه السلام)